أخبار عاجلة
“ع الزيرو” يجسد صراعاً بين الفقر الاجتماعي والمكر البشري

“ع الزيرو” يجسد صراعاً بين الفقر الاجتماعي والمكر البشري

متابعة بتجــرد: في قالب فني مليء بالإثارة تجري أحداث فيلم يروي حكاية “حمزة” المعروف بـ”دراجون” والذي يواجه تحديات هائلة تعكر صفو حياته. حمزة، وهو والد لطفل مريض علاجه مكلف للغاية، يجد نفسه مأسورًا في دائرة العناء المالي القاسي الذي يمنعه من توفير العناية اللازمة لابنه.

تأخذ الأحداث منحى غير تقليدي عندما يقرر “حمزة” الانغماس في عالم تجارة الأعضاء البشرية سعيًا وراء الثروة التي ستكون له سبيلاً لعلاج ابنه وضمان مستقبله. تجبره هذه الخطوة على الانخراط في مجموعة من الصفقات الخطيرة والمعارك العنيفة، مما يعرض حياته الشخصية وحياة أسرته للخطر المتصاعد.

في المشهد الأول، يظهر بطن رجل موشوم ويد تبدو لدى الطبيب الذي يحدد موقع الكلية، وبعد ذلك يظهر وجه الممثل محمد رمضان وهو يبتسم لطفل صغير يظهر بعد ذلك أنه ابنه وأنهم في المستشفى وأن هناك قضية تشد المشاهدين خلال موسيقى حزينة هادئة تعزز أجواء المستشفى وتوحي بدراما قادمة. استمر هذا المشهد لمدة دقيقتين ولكنه كان بإيقاع بطيء.

بعد هذا المشهد، عاد المخرج إلينا عبر تقنية الفلاش باك إلى حياة “دراجون” الذي يعيش حياة صاخبة، إذ أنه مغني حفلات يحاول أن يثبت نفسه بعزم ثم رفضت أغنيته تمامًا من قبل الحضور في الحفل. داخل المشهد، نشاهد محاولة انتحار أحد الحاضرين من عائلة غنية خانته زوجته التي يحبها. في لحظة خيالية أنقذ دراجون البطل ومنعه من السقوط من أعلى المبنى.

تداول الإيقاع الزمني بسرعة بين لحظات الفرح والسعادة التي يشارك فيها دراجون ابنه، على الرغم من الفقر الذي يعيشانه والوضع الاجتماعي الصعب نتيجة البطالة. وفي نهاية هذا الإيقاع، بعد مرور أربعين دقيقة تقريبًا من المشهد الذي تمثل فيه الشخصية التي يؤدي دورها الممثل خالد الصاوي والذي كافئ فيه دراجون بسبب إنقاذه لابنه من الموت، قرر دراجون أن ينطلق نحو مدرسة ابنه ليشاركه هذه المكافأة في جو من السعادة. ومع ذلك، توقف الزمن فجأة وأصبح إيقاع الفيلم بطيئًا بعد سقوط ابن دراجون في غيبوبة، أخذه بسرعة إلى المستشفى حيث اكتشف أنه مصاب بمرض السرطان ويحتاج إلى عملية جراحية باهظة التكلفة.

بالإيقاع البطيء، تظهر مجموعة من المشاهد تصور كيف تعرف دراجون على الممرضة التي ساعدت على علاج ابنه والتي تلعب دورها الممثلة نيللي كريم.

بعد مضي ساعة من الفيلم، تتصاعد إيقاعات الزمن حيث يبدأ الصراع مع الوقت من أجل تأمين التكلفة المرتفعة للعملية ومحاولة اللجوء إلى الأمور غير المشروعة للحصول على المال، في غياب الخيارات البديلة. دراجون يلتجأ إلى التعاون مع عصابة تتاجر في المخدرات لإتمام العملية، لكن هذه المحاولة تفشل بشكل ذريع، وينقطع إيقاع الأحداث مع هذا الفشل.

في مشهد آخر من الفيلم، تصاعدت التوترات حيث فكر دراجون في بيع كليته لتغطية نفقات علاج ابنه. وقد استخدم المخرج تصويرًا متنوعًا يبرز العواطف المتضاربة، بدءًا من ابتسامة دراجون وتفاصيل تفاعله مع ابنه وصولًا إلى لقطات تبرز الواقع الاجتماعي الفقير في شوارع مصر المزدحمة.

تميز مشهد آخر بقوته وتصاعديته، حيث دخل دراجون منزل الممرضة بهدف منع زواجها برجل مسن، بعدما أخبرته بأنه باع كليته من أجل إنقاذ حياة ابنها ردت الممرضة بجرأة مؤكدة أنها مستعدة أيضًا لبيع نفسها من أجل ابنه، هذا المشهد قلب مجرى الفيلم تمامًا، من دراما اجتماعية واقعية إلى دراما تعبيرية انتزعت العواطف. سبقته مشاهد أخرى ترتبط بغناء دراجون وابنه والممرضة، ولكن أغنية “ع الزيرو” في نهاية الأمر، التي دمجها المخرج بمهارة مع لحظة حلاقة شعر ابنه الذي كاد أن يفقده بسبب مرض السرطان، أضفت تأثيرًا رائعًا ومؤثرًا، ولاسيما عندما حققت أغنية دراجون نجاحًا كبيرًا على منصة اليوتيوب.

الممثلون في هذا الفيلم قاموا بأداء استثنائي، حيث تألقوا بأدائهم التمثيلي الرائع الذي أثر إلى حد بعيد في المشاهدين وجعلهم يندمجون مع شخصيات الفيلم ويشعرون بالتعاطف معها. وخاصة الممثل الرئيسي الذي برع في تجسيد شخصيته بشكل ممتاز.

شارك في هذا العمل السينمائي نخبة من نجوم الفن، بما في ذلك محمد رمضان الذي قدم أداء دور البطولة على نحو استثنائي. وكانت إسهامات نيللي كريم، شريف دسوقي، جومانا مراد، خالد الصاوي، ومنذر مهران، ملحوظة أيضًا.

وتبرز مهارات المخرج محمد جمال العدل بجلاء في هذا العمل السينمائي، حيث استخدم التصوير السينمائي والإخراج الفني بمهارة ليقدم القصة بشكل مذهل علاوة على ذلك، ساهمت الموسيقى الحزينة والصوت الهادئ إلى حد بعيد في تعزيز الجو العام للفيلم، مما زاد تأثير المشاهد على الجمهور.

الفيلم يتناول موضوعًا مهمًا، فهو يتعامل مع قضية اجتماعية وإنسانية بشكل مؤثر وينقل رسالة قوية تدفع المشاهدين للتفكير في القضية بعمق وتواصل معها عاطفيًا يتميز بقصة مؤثرة وقوية وتطور جيد للشخصيات، وتفاصيل دقيقة في السيناريو تضيف بعمق للحبكة.

ويعتمد الفيلم على توجيه دقيق للقصة وتوزيع مشاهد متزن مما يجعله تجربة ممتعة للمشاهدين، إنه من إخراج المبدع محمد جمال العدل وتأليف الموهوب مدحت العدل، ويقدم قصة مثيرة تتناول مواضيع الحب، الأسرة، والتضحية من أجل الحياة.

إلى الأعلى