أخبار عاجلة
“فلوجة” يسوق للدراما التونسية باللهجة السورية

“فلوجة” يسوق للدراما التونسية باللهجة السورية

متابعة بتجــرد: فوجئ التونسيون بعودة الجزء الأول من مسلسل “فلوجة” المثير للجدل للأضواء مجددا، بعد أن ظهر بصوت غير صوت أبطاله وبلهجة غير تونسية.. مما أثار استغراب الجمهور التونسي وفتح شهيته للتحليل والتأويل.

وكان المسلسل الذي بُث على قناة الحوار التونسي (الخاصة) رمضان الماضي أثار بعد ساعات قليلة من عرض حلقته الأولى جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وصل حد إحالته على رئاسة الجمهورية، باعتبار أنه يشكل خطرا على المجتمع التونسي وعلى المراهقين وفق تعبير البعض.

ورغم ذلك نجح مسلسل المخرجة التونسية سوسن الجمني، التي عُرفت بالتقاط عدسات كاميراتها للزوايا المثيرة للجدل في المجتمع التونسي، في تحقيق أعلى نسب مشاهدة تترجمها المتابعة الكبيرة التي يحظى بها الموسم الجديد من العمل الذي يعرض على الحوار التونسي رمضان الحالي.

لكن منتجو المسلسل اختاروا الانفتاح على الساحة الفنية العربية بالاعتماد على الدبلجة إلى لهجة اعتاد الجمهور سماعها من بوابة الدراما المكسيكية والتركية، ففي تجربة غير مألوفة تمت دبلجة “فلوجة” إلى اللهجة السورية.

وشرعت قناة “ريز+” (+Rise) التي تبث عبر موقع يوتيوب في عرض المسلسل التونسي بعدما تمت دبلجة حلقاته إلى اللهجة السورية، في خطوة وصفت بالسابقة في تاريخ الدراما التونسية.

وجاء الإعلان عن هذه الخطورة من خلال منشور لقناة الحوار التونسي شاركته متابعيها عبر حسابها بإنستغرام في ثامن أيام شهر رمضان، حيث نشرت مقطع فيديو ترويجي للعمل باللهجة السورية معلقة عليه بالقول “مسلسل فلوجة باللهجة السورية”.

ويناقش المسلسل في إطار درامي قضايا شائكة تهم فئة المراهقين وتلاميذ المعاهد التونسية والعلاقات فيما بينهم، وأيضا ظاهرة بيع وتوزيع الأقراص المخدرة للتلاميذ من قبل منحرفين، ومحاولات بعض الطلاب التعدي على معلميهم.

وقسمت هذه البادرة الأولى من نوعها في تاريخ الدراما التونسية الجمهور التونسي إلى مؤيد ورفض، ففي حين يرى البعض أنها محاولة جيدة قد تسهم في تحقيق إشعاع عربي للإنتاج التونسي على قلته وتساعد على نقل قضايا المجتمع واهتماماته وعرضها عربيا، فإن البعض الآخر استقراء عرض المسلسل بغير لهجته الأصلية على أنه قتل لروح العمل وطمس للهوية التونسية.

وفي الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار إلى حلقات المسلسل بالدبلجة السورية والتي انطلقت قناة العرض “ريز+” في بثها، تصدرت اللهجة التونسية اهتمام التونسيين الذين أظهر الكثير منهم استياءه من استبدالها بلهجات أخرى في إطار التسويق عربيا وعالميا للأعمال التونسية.

بالتونسي أحلى..

هناك من علق على الأمر قائلا عبر تطبيق “تيك توك” حيث انتشر المقطع الترويجي للعمل باللهجة السورية “علاش يدبلجو فيه! نتكلمو بالشنوة” (لماذا قاموا بدبلجته! هل نتكلم بالصيني) في إشارة إلى أن اللهجة التونسية ليست عصية عن الفهم إلى هذا الحد، وهناك من لا يرى داعيا لدبلجة الأعمال التونسية بوصفها ستعرض على قنوات ناطقة بالعربية مستذكرا نجاح مسلسلات تونسية عند عرضها على فضائيات غير تونسية.

وتناولت قراءات مختلفة البادرة من زوايا متنوعة حملت ردود فعل متباينة تركز جلها حول وضع الإنتاج الدرامي في تونس الذي يشكو شحا وافتقارا للإضافة، لاسيما في السنوات الأخيرة التي شهدت عرض عددا من المسلسلات لا يقارن بعجلة الإنتاج في أغلب الدول العربية.

وكان عدد من المختصين والمهتمين بالدراما التلفزيونية أجمعوا على أن قلة الإنتاج لا تتعلق بالمسائل المالية فحسب، بل أيضا بعدم توفر حرفة السيناريست في الدراما التونسية، لافتين إلى أن معظم السيناريوهات المكتوبة لا تستجيب لشروط كتابة السيناريو.

وهذا ما يضيء على جانب مهم من أفكار التونسيين وآرائهم، حيث أثيرت الكثير من الأسئلة حول أهمية دبلجة عمل تونسي إلى لهجة عربية أخرى حظيت لسنوات طويلة بشعبية كبيرة داخل الوطن العربي وخارجه، هل هي خطوة يمكن أن تسرع انتشار الدراما التونسية في سوق الدراما العربية وتحجز لها مكانا بين الأعمال العربية الأخرى، أم أن الأمر يحتاج إلى معالجة دقيقة لمسألة الإنتاج قبل التفكير في إعلاء سقف الطموحات باعتبار أن طفرة الإنتاج تساهم في خلق رؤية تسويقية مختلفة تعزز الحضور التونسي على الساحة الفنية العربية؟!

قناة الحوار التونسي (الخاصة) في رصيدها إنتاجات درامية عديدة ومتنوعة حققت في مجملها أعلى نسب مشاهدات رغم جرأة المواضيع المطروحة فيها، فهل سيعمل القائمون على القناة على استثمار نجاحات هذه الأعمال في قادم الأيام واقتحام الأسواق العربية بدبلجتها تبعا، أم أن هذا أمر يحدده مدى نجاح “فلوجة” بلهجته الجديدة؟

منافسة فلوجة لفلوجة

بقطع النظر عن تبعات دبلجة المسلسل، فإن المشاهد التونسي الفضولي جدا والمتهكم للغاية لن يفوت على نفسه فرصة مشاهدة “فلوجة 1” باللهجة السورية، وفي الآن ذاته سيواصل متابعة “فلوجة 2” بشغف للوقوف على مستوى مسار ومجريات الأحداث التي حملت حتى الآن الكثير من المفاجآت والوجوه الشابة الجديدة.

ويكمل مسلسل “فلوجة” مسيرة جزئه الأول مسلطا الضوء على الوسط المدرسي عبر حكايات مجموعة من التلاميذ المراهقين ومغامراتهم المحفوفة بالمخاطر حدّ الإجرام.

ويضم المسلسل نخبة من الممثلين بينهم ريم الرياحي، محمد مراد، رحمة بن عيسى، فارس عبدالدايم، سارة التونسي، نضال السعدي، نعيمة الجاني، محمد علي بن جمعة، نسيم بورقيبة، منصف العجنقي، آية فتوح، محمد السياري، وشاكرة رماح، والعمل من إنتاج فاضل بن عمار وإخراج سوسن الجمني.

إلى الأعلى