أخبار عاجلة
“الخطة ب”.. لعبة الأقنعة من السينما إلى التلفزيون

“الخطة ب”.. لعبة الأقنعة من السينما إلى التلفزيون

متابعة بتجــرد: العلاقة بين السينما والدراما التلفزيونية في السعودية متشابكة للغاية، وتختلف عن معظم البلاد التي تطورت فيها صناعة السينما بمعزل عن التليفزيون، والتي حل فيها التليفزيون متأخراً ليصنع نجومه أو ليستعير من السينما نجومها المحبوبين (غالباً بعد أن يصلوا إلى القمة، وتبدأ شعبيتهم السينمائية في التراجع).

في السعودية بدأت النهضة في مجالي السينما والدراما بالتزامن تقريباً، صحيح أنه كان للدراما نجومها الكبار المعروفون، وبعضهم لا يزالون يعملون بنجاح، ولكن الأعمال التي تتطلب شباباً، والتي يصنعها شباب تطلبت استدعاء هذه المواهب من السينما، ومن ناحية ثانية غذت الدراما التليفزيونية السينما بمواهبها.

يظهر ذلك بوضوح في مسلسل “الخطة ب” الذي أنتجته منصة “شاهد” منذ بداية رمضان الحالي… ليس فقط لأن العمل يضم عدداً من نجوم السينما السعودية الحاليين، ولكن أيضا لأنه يدور حول السينما، ويستخدم أساليبها وتقنياتها.

يغزل “الخطة ب” على نوع فني طالما أثبت نجاحه خلال العقدين الماضيين، من خلال أعمال مثل سلسلة أفلام Ocean الأمريكية، ومسلسل La Casa de Papel الإسباني، ومسلسل “بـ100 وش” المصري، والتي تدور حول فريق من محترفي النصب والسرقة، يقومون بالاحتيال أو السطو على أموال كبار الفاسدين واللصوص، أو على مؤسسات ومصارف عرفت باستغلالها للناس، ما يجعل المشاهد يتعاطف مع هؤلاء المحتالين ويشاركهم، معنوياً، انتقامهم من هؤلاء المجرمين الكبار.

هواة الفن

لكن اللعبة، التي يلعبها “الخطة ب” هي أن هذا الفريق مكون من هواة للسينما يسعون إلى شق طريقهم في عالم الفن، وعندما يتم النصب عليهم من قبل منتج يمتنع عن تسديد مستحقاتهم، يقررون أن يمارسوا هوايتهم في التمثيل والتنكر في هيئة شخصيات أخرى، ليستعيدوا حقوقهم، غير أن المشكلة تكبر، والإغواء يزيد، ما يستدعي منهم القيام بعمليات أخرى تحت ابتزاز هذا المنتج/ المجرم، وللحصول على مستحقات أخرى، من بينها ميراث إحدى زميلاتهم الذي قام عمها بالاستيلاء عليه، أو كما يقول أحدهم متهكما “الفن رسالة، وأحد أدواره أن يعيد الحقوق لأصحابها”. 

ويمتد هدفهم من عمليات الاحتيال التي يقومون بها إلى جمع الأموال اللازمة لعمل فيلم “يبهر كل السعودية، بل العالم كله”، على حد قول أحدهم!

“الخطة ب” الذي كتبه كل من بلال سالم وأماني السليمي، يشارك في بطولته عدد من نجوم السينما والدراما المعروفين: إبراهيم الحجاج، الذي لمع في فيلم “سطّار”، أعلى الأفلام السعودية تحقيقاً للإيرادات، وميلا الزهراني، بطلة فيلم “المرشحة المثالية” لهيفاء المنصور، مع إبراهيم الخير الله، وفي فؤاد، وزياد العمري، وحكيم جمعة، وفيصل الدوخي، الذين شاركوا في بطولات العديد من الأفلام، بجانب عدد من نجوم الدراما السعودية منهم فوز عبد الله، فاطمة الشريف، آلاء شاكر، عبد العزيز السيكرين، علي الشهابي، وسامي حازم.

وتأكيداً على تلك العلاقة الوثيقة بين السينما والدراما السعوديين، فإن مخرج المسلسل هو المخضرم تليفزيونياً منير الزعبي، الذي قدم من قبل عدداً من الأعمال الكوميدية مثل “حابل نابل” و”أنيسة الونيسة”، كما أخرج مسلسل “منهو ولدنا” بجزئيه، اللذين لعب بطولتهما إبراهيم الحجاج، وكان الجزء الأول من هذا المسلسل الذي عرض في 2022، هو نقطة انطلاق الحجاج في السينما بفيلم “سطّار”.

تجربة أداء أو تدريب

تعتمد عمليات الاحتيال التي يقوم بها أعضاء الفريق على التنكر في شخصيات أخرى، يستعرض من خلالها الممثلون براعتهم في التمثيل، فيلعبون، من بين ما يلعبون، شخصيات فلاح مصري، طبيب هندي، سيدة سودانية، سوري يتحدث مثل أبطال مسلسل “باب الحارة”، أمريكي جنوبي يتحدث مثل أبطال “الويسترن”. 

كما تتجلى فكرة الأقنعة من خلال عناوين بداية ونهاية المسلسل، التي تضم لقطات من صنع المسلسل، حيث يضع الممثلون الماكياج والشعر المستعار، أو يستمعون إلى توجيهات المخرج ومدير التصوير، وحيث يتحرك الفنيون والعمال بكاميراتهم وآلاتهم حول الممثلين… ما يؤكد الانطباع بأننا نشاهد لعبة، أو مجموعة من الهواة يقومون بالتجريب والتدريب لاختبار وتطوير أدواتهم التمثيلية.

ومن أفضل عناصر المسلسل الكيفية التي يقوم بها المخرج بتحريك ممثليه داخل الإطار مع حركة الكاميرا (ما يعرف بمصطلح “الميزانسين”)، ويضم العمل بعض اللقطات الطويلة One Shot، تتحرك فيها الكاميرا والممثلون داخل مساحات صغيرة أو كبيرة بشكل بارع وشديد الديناميكية، جذاب فنياً، وفي الوقت نفسه يؤكد الانطباع بالحالة “المسرحية”، أننا أمام تجربة أداء أو تدريب.

ويخفف هذا الانطباع من وطأة الأحداث التي تصل أحياناً إلى حد ارتكاب جرائم كبرى: مثل الخطف وسرقة صندوق يمتلئ بالسبائك الذهبية أو حتى غسيل الأموال!

يبدأ “الخطة ب” بإيقاع سريع، مرح، ومبهج للغاية، ولكن بمرور الوقت يعاني السيناريو من ترهل في الإيقاع؛ بسبب المشاهد الزائدة والتطويل غير المبرر، الذي يصل أحياناً إلى الارتجال وافتعال الكوميديا. 

ومن المؤسف أن العمل في ثلثه الأخير لا يحافظ على الإيقاع السريع المحكم الذي بدأ به، بالرغم من أن تطور الأحداث ووصولها إلى مرحلة الخطورة على مستقبل وحياة الأبطال كان يتطلب مزيداً من القوة، حتى لو عنى ذلك انخفاض جرعة الكوميديا.

إلى الأعلى