أخبار عاجلة
التضحية بالمكانة الإجتماعية البارزة من أجل راحة البال في “باطيما 42”

التضحية بالمكانة الإجتماعية البارزة من أجل راحة البال في “باطيما 42”

متابعة بتجــرد: تتمحور أحداث مسلسل “باطيما 42”  للمخرج هشام العسري حول شخصية “لطفي”، شابٍ ينتمي لعائلة ثرية وحاصل على شهادات عليا في مجال الطب، فجأة يقرر تغيير مسار حياته فيرضى بالعمل كحارس عمارة، هربًا من الضغوطات العائلية والاجتماعية، إذ يسعى  إلى حياة بسيطة وهادئة، ومن هنا تبدأ رحلته.

ويقيم في هذه العمارة مجتمعٌ متنوعٌ يضم كبار السن الغاضبين، والأطفال الوقحين، والنساء المتذمرات، والأزواج المشاكسين، ومع مرور الوقت يجد “لطفي” نفسه متورطًا في إدارة الصراعات اليومية، والتعامل مع الطلبات المتواصلة، ونزوات السكان.

وتظهر شخصية “لطفي” مع تطور الأحداث أن حياته المضطربة تخفي أسرارًا ثقيلة تكشف الستار عن ماضيه، والذي يتضح أنه ليس كما يعتقد سكان العمارة، إذ يكتشف المشاهد أن وراء الحارس البسيط يكمن ماضٍ مليء بالأسرار والهلوسات التي ستعود لتطارد حياته من جديد.

العمل من سيناريو هشام العسري، وتمثيل كل من المهدي فولان، وبديعة الصنهاجي، وأحلام الزعيمي، وحسن فولان، وزهور السليماني، وغيث بن حيون، وحفصة بورقادي، ورانيا منصور، ومالك أخميس، وطارق البخاري، بالإضافة إلى عمي ادريس.

تبرز المشاهد الأولى للفيلم أسلوب الشخصية الروائية التي تقدم لنا بعض المعلومات مثل الزمان والمكان وتمهيد الأحداث حول قصة البطل “لطفي”، إذ تظهر هذه المشاهد الحوارات المتداخلة بين الشخصيات بطريقة طبيعية ومتناغمة، أي بين “لطفي” بواب العمارة وسكانها، ويتم ترتيب الأفكار بشكل معقول كبداية لأحداث قادمة مثيرة للاهتمام تشد انتباه المشاهدين.

وبعد مرور ساعة على توالي الأحداث تبين العشرين دقيقة التالية تغيرًا مفاجئًا في اتجاه ترتيب الحوار والأفكار في السيناريو، حيث يصبح مرتجلاً وغير منطقيًا، مما يسبب التشويش وفقدان التركيز، ويمكن أن نأخذ على سبيل المثال المشاهد التي تبرز رنات هاتف “لطفي” المتكررة التي حاول المخرج أن يجعلها غامضة لشد الانتباه، ولكنها في الحقيقة أخذت حيزًا من الوقت طويلا تسبب في تشتيت الانتباه، إذ أن بعد الرنات تشوشت الأفكار حول الأحداث بسرعة فائقة دون تفسير مقنع، ويصبح التناقض هنا واضحًا بين تطورات القصة وبين الطريقة التي كانت عليها في البداية، ويمكن أن يكون ذلك نتيجة لنقص التخطيط أو تغييرات مفاجئة دون بناء درامي كوميدي مناسب.

ويظهر أداء الممثلين في الساعة الأولى من بداية الشريط جيدًا ومتميزًا، وخاصة شخصية “لطفي” الذي لعب دوره الممثل المهدي فلان، وانسجامه مع الممثلة بديعة الصنهاجي والممثلة فدوى طالب وكذلك تناغمه مع الممثل حسن فلان وناصر أقباب، وزهور السليماني، إذ يتمكنون من تقديم أدوارهم بطريقة مقنعة ومعبرة، مما يساعد في جذب اهتمام المشاهدين وإيجاد تواصل فوري مع القصة منذ البداية.

ويبدأ الأداء في النصف الساعة الأخيرة للفيلم  في التدهور تدريجياً، إذ يلاحظ المشاهد تباينًا في جودة الأداء الذي يبدو أقل تركيزًا وتفاعلاً بين الشخصيات والأحداث، وخاصة أن تقديم الحوارات كان أقل تناسقاً وغير مرتب، مما يؤدي إلى فقدان بعض الجاذبية.

يستخدم المخرج هشام العسري مجموعة متنوعة من اللقطات والزوايا لتقديم صورة شاملة للبيئة المحيطة بالأحداث ولإبراز العلاقات بين الشخصيات، منها اللقطات القريبة والقريبة جدًا التي تسلط الضوء على التفاصيل وتعبيرات الوجه، مما يعزز الانغماس في القصة ويجعل المشاهدين يشعرون بتواصل أعمق مع الفيلم.

وعلى الرغم من الإخراج المتقن والتنوع في تكوين اللقطات، يعاني العمل من اختيار غير مناسب للإضاءة  الوردية  والزرقاء  التي تظهر في الأماكن الضيقة، مما يؤدي إلى التشويش والتيه أثناء المتابعة ويؤثر هذا النوع من الإضاءة سلبًا على تتبع القصة بشكل كامل.

ويبدأ فيلم “باطيما 42” بإيقاع زمني بطيء في المشاهد الأولى التي تقدم لنا “لطفي”، الشاب الذي قرر تغيير حياته والابتعاد عن الضغوط العائلية بمبدأ التدرج الروائي، ثم تتصاعد وتيرة الأحداث تدريجياً بعد ذلك، حيث يواجه “لطفي” مجموعة من التحديات والصراعات داخل العمارة، ‘ذ يشعر المشاهد بتزايد التوتر والحماس مع تقدم القصة فتظهر العلاقات بين الشخصيات بشكل أوضح.

لكن في النصف الثاني من الفيلم، يلاحظ المشاهد تسارعاً مفاجئاً في الأحداث فتصبح مليئة بالتفاصيل غير المبررة والفراغات التي تثير الارتباك، ويبدو العمل متشتتًا وغير منسق، مما يؤدي إلى فقدان بوصلة القصة وانخفاض جودة الإيقاع الزمني الذي ترك بعض الفجوات والتساؤلات بدون حل واضح، ويضع علامة استفهام خلال النهاية.

أما اختيار الرقم “42” في العنوان  فهو يواجه بعض اللبس، نظرًا لوجود عدة أفلام عالمية أخرى تحمل نفس الاسم، ويمكن أن يؤدي هذا الاختيار إلى ضياع الفرصة للتفرد في التسمية ويجعل من الصعب على الجمهور تمييزه عن أفلام أخرى، بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب التشابه في العنوان تشويشًا في الذاكرة الجماعية للمشاهدين ويؤثر على الانطباع العام وقدرة المهتمين على البحث عنه، ومن المهم للمخرج والفريق الإبداعي اتخاذ قرارات استراتيجية في اختيار العنوان، لضمان الجودة والتفرد والتميز بشكل يعكس جوهر العمل التلفزيوني أو السينمائي بأسلوب دقيق.

إلى الأعلى