أخبار عاجلة
“العام زين” يوازن بين تبعات الهجرة القروية وقيمة الجذور

“العام زين” يوازن بين تبعات الهجرة القروية وقيمة الجذور

متابعة بتجــرد: تدور أحداث الشريط التلفزيوني “العام زين” للمخرج المغربي داني يوسف حول شاب يدعى “علي” لم يعثر على عمل يناسب شهادة الإجازة التي حصل عليها في اللغة العربية، وهو بالكاد قادرعلى تلبية متطلباته الخاصة، وليست لديه الإمكانيات للزواج أو لمساعدة والديه المسنين، إذ تسبب هذا الوضع في إحباط شديد له وبات يعتقد أن الهجرة هي فرصته الوحيدة لحياة أفضل، ولتحقيق هذه الغاية لا بد من مبلغ مالي كبير لن يحصل عليه إلا إذا باع والده الأرض التي يملكها.

ويفكر “علي” في الأمر ثم يقرر أن يؤجل مشروع الهجرة إلى وقت لاحق، وفي انتظار ذلك ينكب على العمل في أرض والده، إذ تحمل له زيارته القصيرة إلى قريته الكثير من المفاجآت بين النجاح غير المتوقع لمشروعه الصغير وبين قصة الحب غير المنتظرة، إذ يكتشف “على” أن حب الأرض والوطن لا يقدر بثمن وأن كل شيء ممكن بالإرادة والعمل.

العمل من سيناريو نرجس المودرن، وبطولة كل من ربيع الصقلي، وسلمى صلاح الدين، ومحمد خويي، وفتاح غرباوي، ونزهة بدر، ولغيثة عصفور.

ويتمحور السيناريو حول “علي” الذي يواجه تحديات شخصية واجتماعية كبيرة، إذ يجد نفسه عالقا في وضع اقتصادي صعب لا يمكن من خلاله تحقيق طموحاته وتطلعاته، ويعكس هذا الصراع الواقع الاجتماعي للكثيرين في العالم العربي الذين يواجهون صعوبات في العثور على فرص عمل مناسبة وتحسين مستوى معيشتهم.

ومن خلال تقديم “علي” لخيار الهجرة إلى المدينة بحثا عن فرص أفضل مقابل البقاء في البادية، يتم استعراض التناقضات الثقافية والاقتصادية بين الحياة في المدن والحياة في البادية، وهذا يبرز الصراع الدائم بين الحفاظ على التقاليد وثقافة البادية وبين استكشاف الفرص والتطور في المدن.

وتظهر رحلة “على” تطوره الشخصي خلال تجربته في البادية، عن طريق العمل الشاق والتفاني في إدارة أرض والده، إذ يكتشف قيمة الجهد والإرادة في تحقيق النجاح، كما يتعلم أيضا قيمة الوطن والارتباط بالأرض والمجتمع الذي يعيش فيه.

وينقل السيناريو رسالة إيجابية ومحفزة حول قوة الإرادة والعمل على تحقيق الأهداف وعلى أهمية الاستمرارية والثقة بالنفس في تجاوز التحديات وتحقيق النجاح، وكذلك الانتماء للأرض والمجتمع.

ويضيف السيناريو عنصر الحب غير المتوقع بين “علي” و “رجاء” ما يعطي لمسة إنسانية ورومانسية للحبكة الدرامية، ما يعزز التوازن بين الجوانب الشخصية والاجتماعية للقصة، ويجسد قوة العواطف والعلاقات الإنسانية في تحقيق السعادة.

تعتبر اللهجة القروية والإيماءات الطبيعية جزءا لا يتجزأ من تجسيد شخصية “علي” بشكل عفوي، إذ يتقن الممثل المغربي ربيع الصقلي اللهجة المناسبة والإيماءات التي تعكس خلفية “على” القروية وأصوله البدوية بطريقة واقعية وطريفة، ويتمتع بقدرة فائقة على التوازن بين العناصر الكوميدية والدرامية بشكل تلقائي محبوك، مما يجعل أداءه ممتعا ومحببا للجمهور.

ويظهر ربيع الصقلي موهبة بارزة في التعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر، إذ يجسد الفرح والمرح في المواقف الكوميدية والحزن والإحباط في المواقف الدرامية، وتضيف القدرة في تجسيد مجموعة متنوعة من المشاعر قوة وإقناعا لأدائه، كما يبين استجابته المتقنة لميكانيزمات شخصية “على” من خلال تفاعله الدقيق مع الأحداث والشخصيات الأخرى، مما يضيف بعدا إضافيا للشخصية ويثري القصة بأبعاد جديدة.

يعكس الإيقاع الزمني للأحداث في هذا السياق استراتيجية مونتاج متتالي قطعي يهدف إلى تحقيق شد انتباه المشاهد وتعزيز فهمه لمغامرات “علي”، كما يبدأ الإيقاع بشكل سريع لفترة معينة يجذب انتباه المشاهد ويوجهه نحو الحدث الرئيسي مثل طرد “على” من العمل، ثم يتباطأ الإيقاع مع تقدم الأحداث عندما يعود “علي” إلى البادية والعراقيل التي تواجهه، مما يمنح الجمهور الوقت لتفسير الأحداث بشكل معقول.

ويعزز القطع السلس في المونتاج هذا النمط الزمني، حيث يتم تحويل المشاهد بسلاسة من واحدة إلى أخرى دون انقطاع واضح، مما يساعد في تعزيز التدفق المرن للقصة والإبقاء على اهتمام المشاهد.

ويضيف الانتقال بين لقطات العناصر المحيطة بالشخصية، مثل المحصول الزراعي للطماطم والطبيعة المحيطة بها، عمقا إلى السرد ويساهم في تعميق فهم المشاهد للحالة العقلية والعواطف التي يمر بها “علي” على سبيل المثال، عندما يعجز “علي” عن بيع الطماطم يظهر الوقت وكأنه يمر ببطء يعزز الشعور بالملل أو التوتر أو الانتظار، وهذا يضيف جوا من التشويق إلى المشاهد.

يستخدم المخرج مجموعة متنوعة من اللقطات، بدءا من القريبة والقريبة جدا لإيصال الحميمية بين “علي” و “رجاء” التي لعبت دورها الممثلة سلمى صلاح الدين، والتركيز على التفاصيل الدقيقة في إعداده سلطة الطماطم، إلى اللقطات البعيدة والمتوسطة لتقديم المواقع الواسعة والعلاقات الاجتماعية بين أرضه الزراعية ومصنع الطماطم وخاصة بين “علي” وابن عمه “أحمد” الذي جسده الممثل عبد الفتاح غرباوي.

ويعتمد المخرج الكاميرا الثابتة للتركيز على المشاهد، وخاصة داخل منزل عائلة “على”، والكاميرا المتحركة في الطريق لإضافة الحركة، أما بالنسبة للزوايا، فيقدم المخرج مجموعة متنوعة تشمل الزوايا المنخفضة لتعزيز الدراما، والزوايا المرتفعة لإثارة الفضول، وبهذه الأساليب ينجح المخرج في توجيه انتباه المشاهدين بشكل فعال وتعزيز جودة إخراجه لشريط تلفزيوني.

إلى الأعلى